قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في كتابه التوحيد:
أول ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا -جل وعلا- في كتابنا هذا ذكر نفسه - جل ربنا - عن أن تكون نفسه كنفس خلقه، وعز أن يكون عدما لا نفس له، قال الله - جل ذكره - لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ (سورة الأنعام آية: 54) فأعلمنا ربنا أن له نفسًا كتب عليها الرحمة، أي: ليرحم بها من عمل سوءًا بجهالة ثم تاب من بعده على ما دل سياق هذه الآية وهو قوله: ﴿ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ (سورة الأنعام آية: 54).
والله - جل ذكره - لكليمه موسى: ﴿ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى * وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾ (سورة طه آية: 40 – 41). فبين الله أن له نفسًا اصطنع لها كليمه موسى، وقال -جل وعلا-: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ (سورة آل عمران آية: 30) فثبت الله أيضًا في هذه الآية أن له نفسًا وقال روح الله عيسى ابن مريم مخاطبًا ربه: ﴿ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ (سورة المائدة آية: 116)، فروح الله عيسى ابن مريم يعلم أن لمعبوده نفسًا.